“نور الهداية في أوائل الكهف”

تفسير الآيات الأولى من سورة الكهف

تعتبر سورة الكهف من السور المكية التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وهي تحمل في طياتها العديد من القصص والعبر التي تهدف إلى توجيه المسلمين نحو الإيمان والتقوى. تبدأ السورة بحمد الله تعالى والثناء عليه، مما يعكس أهمية التوحيد والإيمان بالله في حياة المسلم. يقول الله تعالى في الآية الأولى: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا”، حيث يشير إلى نزول القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤكد على استقامة هذا الكتاب وعدم وجود أي انحراف فيه.

ثم تنتقل الآيات إلى بيان الهدف من نزول القرآن، وهو تحذير الناس من بأس شديد من لدن الله، وبشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً. يقول الله تعالى في الآية الثانية: “قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا”. هذا التوازن بين التحذير والبشرى يعكس رحمة الله وعدله، حيث يُنذر الكافرين بالعذاب ويُبشر المؤمنين بالجنة.

تستمر الآيات في توضيح صفات المؤمنين الذين يستحقون هذا الأجر الحسن، حيث يقول الله تعالى في الآية الثالثة: “مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا”، مما يدل على دوام النعيم الذي ينتظرهم في الجنة. هذا الوعد الإلهي يعزز من إيمان المؤمنين ويحثهم على الثبات على طريق الحق والعمل الصالح.

بعد ذلك، تتناول الآيات موقف الكافرين الذين اتخذوا لله ولداً، وهو اعتقاد باطل يتنافى مع التوحيد. يقول الله تعالى في الآية الرابعة: “وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا”. هذا التحذير يوضح خطورة الشرك بالله وضرورة الابتعاد عن مثل هذه الاعتقادات الباطلة. ثم يضيف الله تعالى في الآية الخامسة: “مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا”، مما يشير إلى جهلهم وضلالهم في هذا الاعتقاد.

تختتم الآيات الأولى من سورة الكهف بتوجيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى عدم الحزن على هؤلاء الكافرين، حيث يقول الله تعالى في الآية السادسة: “فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا”. هذا التوجيه يعكس رحمة النبي وحرصه على هداية قومه، ولكنه في الوقت نفسه يذكره بأن الهداية بيد الله وحده.

في الختام، تعكس الآيات الأولى من سورة الكهف مجموعة من القيم والمبادئ الأساسية في الإسلام، مثل التوحيد، الإيمان بالقرآن، العمل الصالح، والتحذير من الشرك. هذه الآيات تقدم للمسلمين توجيهات واضحة حول كيفية العيش بإيمان وتقوى، وتذكرهم برحمة الله وعدله في التعامل مع عباده.

أهمية القصص في أوائل سورة الكهف

تعتبر سورة الكهف من السور المكية التي تحمل في طياتها العديد من القصص ذات العبر والدروس العميقة. تتناول أوائل سورة الكهف مجموعة من القصص التي تحمل في مضمونها رسائل هامة للمؤمنين، وتبرز أهمية التمسك بالإيمان والصبر على الابتلاءات. من خلال هذه القصص، يتمكن القارئ من استيعاب القيم الأخلاقية والدينية التي تعزز من قوة الإيمان وتوجه الإنسان نحو السلوك القويم.

تبدأ السورة بحمد الله تعالى والثناء عليه، مما يهيئ القارئ لاستقبال القصص التي تحمل في طياتها الحكمة والعبرة. تأتي قصة أصحاب الكهف كأول قصة في السورة، وهي قصة مجموعة من الفتية الذين آمنوا بربهم واعتزلوا قومهم الذين كانوا يعبدون الأصنام. لجأ الفتية إلى الكهف هربًا من بطش قومهم، فأنامهم الله فيه لعدة قرون. هذه القصة تبرز أهمية الثبات على الإيمان واللجوء إلى الله في أوقات الشدة. كما تعكس قدرة الله على حماية المؤمنين وتدبير أمورهم بطرق لا تخطر على بال البشر.

بعد ذلك، تأتي قصة صاحب الجنتين، وهي قصة رجلين أحدهما كان يمتلك جنتين واسعتين مليئتين بالخيرات، بينما الآخر كان أقل حظًا في الدنيا. الرجل الغني اغتر بنعمه وظن أنها ستدوم له إلى الأبد، بينما كان الرجل الفقير يذكره بنعمة الله وضرورة شكرها. هذه القصة تبرز أهمية التواضع وشكر النعم، وتحذر من الغرور والاعتماد على الدنيا الزائلة. كما تذكرنا بأن النعم قد تزول في أي لحظة، وأن الاعتماد الحقيقي يجب أن يكون على الله وحده.

تتوالى القصص في السورة لتشمل قصة موسى والخضر، وهي قصة تحمل في طياتها دروسًا عن الصبر والتواضع في طلب العلم. موسى عليه السلام، رغم مكانته كنبي، طلب العلم من الخضر الذي كان يمتلك علمًا خاصًا من الله. خلال رحلتهم، قام الخضر بأفعال لم يستطع موسى فهمها في البداية، ولكنها كانت تحمل حكمًا إلهية عميقة. هذه القصة تبرز أهمية الصبر والتواضع في طلب العلم، وتذكرنا بأن الحكمة الإلهية قد تكون خفية ولا يمكن فهمها بسهولة.

أخيرًا، تأتي قصة ذو القرنين، الملك العادل الذي جاب الأرض ناشرًا العدل والإصلاح. هذه القصة تبرز أهمية القيادة العادلة واستخدام القوة في خدمة الخير. ذو القرنين استخدم قوته لبناء سد يحمي الناس من يأجوج ومأجوج، مما يعكس أهمية استخدام الموارد والقوة في تحقيق الخير وحماية الضعفاء.

من خلال هذه القصص المتنوعة، تقدم أوائل سورة الكهف مجموعة من الدروس والعبر التي تعزز من قوة الإيمان وتوجه الإنسان نحو السلوك القويم. القصص ليست مجرد حكايات تاريخية، بل هي رسائل إلهية تحمل في طياتها الحكمة والعبرة. تذكرنا هذه القصص بأهمية الثبات على الإيمان، شكر النعم، التواضع في طلب العلم، واستخدام القوة في خدمة الخير. بذلك، تصبح أوائل سورة الكهف مصدرًا غنيًا للتأمل والتعلم، وتوجه المؤمنين نحو حياة مليئة بالقيم والأخلاق النبيلة.

الدروس المستفادة من أصحاب الكهف

تعتبر سورة الكهف من السور المكية التي تحمل في طياتها العديد من القصص والعبر التي يمكن أن يستفيد منها المسلم في حياته اليومية. من بين هذه القصص، تأتي قصة أصحاب الكهف كواحدة من أبرز القصص التي ترويها السورة. تتناول هذه القصة مجموعة من الفتية الذين آمنوا بربهم ولجأوا إلى كهف هربًا من بطش قومهم الذين كانوا يعبدون الأصنام. من خلال هذه القصة، يمكن استخلاص العديد من الدروس والعبر التي تعزز الإيمان وتوجه الإنسان نحو السلوك القويم.

أولاً، تبرز قصة أصحاب الكهف أهمية الإيمان بالله والثبات على الحق. هؤلاء الفتية كانوا يعيشون في مجتمع يعبد الأصنام، ولكنهم اختاروا الإيمان بالله الواحد ورفضوا الانصياع لضغوط المجتمع. هذا يوضح أن الإيمان الحقيقي يتطلب شجاعة وثباتًا، حتى في وجه التحديات والمخاطر. الإيمان ليس مجرد اعتقاد داخلي، بل هو موقف يتجلى في الأفعال والقرارات التي يتخذها الإنسان في حياته اليومية.

ثانيًا، تعكس القصة قيمة التضحية في سبيل العقيدة. الفتية لم يترددوا في ترك حياتهم وأسرهم ومجتمعهم من أجل الحفاظ على إيمانهم. هذا يوضح أن التضحية من أجل المبادئ والقيم الدينية هي جزء لا يتجزأ من الإيمان الحقيقي. التضحية ليست بالضرورة أن تكون مادية، بل يمكن أن تكون معنوية أيضًا، مثل التضحية بالراحة الشخصية أو المكانة الاجتماعية من أجل الحق.

ثالثًا، تبرز القصة أهمية التوكل على الله والثقة في قدرته على الحماية والنجاة. عندما لجأ الفتية إلى الكهف، لم يكن لديهم أي ضمانات بأنهم سيكونون في أمان، ولكنهم توكلوا على الله ووثقوا في رحمته. هذا يعلمنا أن التوكل على الله هو جزء أساسي من الإيمان، وأن الله لا يخذل من يلجأ إليه بصدق وإخلاص.

رابعًا، تعكس القصة أيضًا أهمية الوحدة والتعاون بين المؤمنين. الفتية كانوا مجموعة متماسكة، دعموا بعضهم البعض في مواجهة التحديات. هذا يوضح أن الوحدة والتعاون بين المؤمنين يمكن أن تكون مصدر قوة ودعم في مواجهة الصعاب. الوحدة ليست فقط في الأفعال، بل هي أيضًا في القلوب والعقول، حيث يتشارك المؤمنون نفس القيم والمبادئ.

خامسًا، تبرز القصة أهمية الصبر والانتظار على تحقيق النصر. الفتية ناموا في الكهف لعدة قرون قبل أن يستيقظوا ويجدوا أن الله قد غير حال قومهم. هذا يعلمنا أن النصر قد لا يأتي فورًا، وأن الصبر هو جزء أساسي من الإيمان. الصبر ليس فقط في مواجهة الصعاب، بل هو أيضًا في انتظار تحقيق الأهداف والغايات.

في الختام، يمكن القول إن قصة أصحاب الكهف تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر التي يمكن أن يستفيد منها المسلم في حياته اليومية. من خلال الإيمان بالله، والتضحية في سبيل العقيدة، والتوكل على الله، والوحدة بين المؤمنين، والصبر على تحقيق النصر، يمكن للإنسان أن يواجه التحديات والصعاب بثقة وثبات. هذه القيم والمبادئ ليست فقط جزءًا من التراث الديني، بل هي أيضًا جزء من القيم الإنسانية التي تعزز السلوك القويم وتوجه الإنسان نحو الخير.

العلاقة بين الإيمان والابتلاء في أوائل سورة الكهف

تعتبر سورة الكهف من السور المكية التي تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر، وتبدأ السورة بحمد الله تعالى وتمجيده، ثم تنتقل إلى الحديث عن العلاقة بين الإيمان والابتلاء. في أوائل سورة الكهف، نجد أن الله سبحانه وتعالى يوضح أن الحياة الدنيا مليئة بالاختبارات والابتلاءات التي تهدف إلى تمييز المؤمنين الصادقين من غيرهم. هذه الابتلاءات تأتي بأشكال متعددة، منها ما يتعلق بالمال والجاه، ومنها ما يتعلق بالصحة والأمان، وكلها تهدف إلى اختبار مدى ثبات الإيمان وقوة الصبر.

في الآيات الأولى من السورة، يُذكر أن الله قد جعل ما على الأرض زينة لها ليختبر الناس أيهم أحسن عملاً. هذا التذكير يوضح أن الزينة الدنيوية ليست إلا وسيلة لاختبار الإيمان، وليست غاية في حد ذاتها. بالتالي، يجب على المؤمن أن يكون واعياً بأن ما يملكه من نعم دنيوية هو اختبار من الله، وعليه أن يستخدمها في طاعته وشكره. هذا الفهم يعزز من قوة الإيمان ويجعل المؤمن أكثر استعداداً لمواجهة الابتلاءات بثبات وصبر.

علاوة على ذلك، تتناول السورة قصة أصحاب الكهف، وهي قصة تحمل في طياتها العديد من الدروس حول الإيمان والابتلاء. هؤلاء الفتية آمنوا بربهم واعتزلوا قومهم الذين كانوا يعبدون غير الله، فكان ابتلاؤهم في ترك ديارهم وأهلهم واللجوء إلى الكهف. هذا الابتلاء كان اختباراً لإيمانهم وصبرهم، وقد أثبتوا من خلاله صدق إيمانهم وثباتهم على الحق. الله سبحانه وتعالى كافأهم بحفظهم في الكهف لسنوات طويلة، وجعل قصتهم عبرة للأجيال القادمة.

من خلال هذه القصة، يتضح أن الابتلاء ليس دائماً عقوبة، بل قد يكون وسيلة لرفع درجات المؤمنين وتكريمهم. الله سبحانه وتعالى يختبر عباده ليظهر مدى صدق إيمانهم، ومن يثبت في وجه الابتلاءات ينال رضا الله وجنته. هذا الفهم يعزز من قوة الإيمان ويجعل المؤمن أكثر استعداداً لمواجهة التحديات بثبات وصبر.

بالإضافة إلى ذلك، تشير السورة إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يملك العلم الكامل بكل شيء، وأن الإنسان مهما بلغ من العلم والمعرفة، يبقى علمه محدوداً. هذا التذكير يعزز من تواضع المؤمن ويجعله يدرك أن الابتلاءات قد تكون لحكمة لا يعلمها إلا الله. بالتالي، يجب على المؤمن أن يثق بحكمة الله وعدله، وأن يكون راضياً بما قسمه الله له، سواء كان ذلك نعمة أو ابتلاء.

في الختام، يمكن القول إن أوائل سورة الكهف تقدم لنا رؤية شاملة حول العلاقة بين الإيمان والابتلاء. هذه الرؤية تعزز من قوة الإيمان وتجعل المؤمن أكثر استعداداً لمواجهة التحديات بثبات وصبر. الابتلاءات ليست إلا وسيلة لاختبار الإيمان ورفع درجات المؤمنين، ومن يثبت في وجهها ينال رضا الله وجنته. هذا الفهم يعزز من تواضع المؤمن ويجعله يدرك أن كل ما يمر به من تجارب هو جزء من حكمة الله وعدله.

مفهوم الهداية في بداية سورة الكهف

تعتبر سورة الكهف من السور المكية التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وهي تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر التي يمكن للمسلمين الاستفادة منها في حياتهم اليومية. في بداية هذه السورة، نجد أن مفهوم الهداية يحتل مكانة بارزة، حيث يتم التركيز على أهمية الهداية الإلهية في حياة الإنسان وكيف يمكن أن تكون هذه الهداية مصدرًا للنجاة والرشاد.

تبدأ السورة بحمد الله تعالى، مما يعكس أهمية التوجه إلى الله بالشكر والثناء على نعمه، ومن بين هذه النعم نعمة الهداية. يقول الله تعالى في الآية الأولى: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا”. هذه الآية تشير إلى أن القرآن الكريم هو مصدر الهداية الأول للمسلمين، وأنه كتاب مستقيم لا يوجد فيه أي انحراف أو خطأ. هذا التأكيد على استقامة القرآن يعزز من أهمية اتباع تعاليمه والتمسك بها كوسيلة للوصول إلى الهداية الحقيقية.

ثم تأتي الآية الثانية لتوضح أن هذا الكتاب “قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا”. هنا نجد أن الهداية ليست مجرد معرفة الحق، بل هي أيضًا تتطلب العمل الصالح والالتزام بتعاليم الدين. الهداية في هذا السياق ليست نظرية بحتة، بل هي عملية تتجلى في سلوك الإنسان وأفعاله اليومية. هذا الربط بين الهداية والعمل الصالح يعزز من مفهوم الشمولية في الدين الإسلامي، حيث لا يمكن فصل الإيمان عن العمل.

علاوة على ذلك، تشير الآيات اللاحقة إلى أن الهداية تأتي من الله وحده، وأنه هو الذي يوجه القلوب نحو الحق. يقول الله تعالى في الآية السادسة: “فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا”. هذه الآية تعكس حرص النبي محمد صلى الله عليه وسلم على هداية قومه، ولكنها في الوقت نفسه تذكره بأن الهداية بيد الله وحده. هذا يوضح أن الإنسان مهما بلغ من الجهد في الدعوة إلى الله، فإن الهداية النهائية هي من عند الله.

بالإضافة إلى ذلك، نجد أن السورة تركز على أهمية الصبر والثبات في طريق الهداية. يقول الله تعالى في الآية العاشرة: “إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا”. هذه الآية تروي قصة الفتية الذين لجأوا إلى الكهف هربًا من الاضطهاد، وطلبوا من الله الهداية والرشاد. هذا يعكس أهمية التوجه إلى الله بالدعاء والاعتماد عليه في كل الأمور، خاصة في الأوقات الصعبة.

في الختام، يمكن القول إن أوائل سورة الكهف تقدم لنا مفهومًا شاملًا للهداية، حيث تبرز أهمية القرآن الكريم كمرشد، وتوضح أن الهداية تتطلب العمل الصالح، وتؤكد أن الهداية بيد الله وحده، وتحث على الصبر والثبات في طريق الحق. هذه الدروس تجعل من سورة الكهف مصدرًا غنيًا للتأمل والتعلم لكل مسلم يسعى إلى الهداية والرشاد في حياته.

دور الصبر في قصص أوائل سورة الكهف

تعتبر سورة الكهف من السور القرآنية التي تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر، ومن أبرز هذه الدروس هو دور الصبر في حياة المؤمنين. تتناول أوائل سورة الكهف قصصًا متعددة، كل منها يعكس جوانب مختلفة من الصبر وأهميته في مواجهة التحديات والابتلاءات. من خلال هذه القصص، يمكننا استنباط العديد من القيم والمبادئ التي تعزز من فهمنا لأهمية الصبر في حياتنا اليومية.

تبدأ السورة بقصة أصحاب الكهف، وهي قصة مجموعة من الفتية الذين آمنوا بربهم واعتزلوا قومهم الذين كانوا يعبدون الأصنام. لجأ هؤلاء الفتية إلى الكهف هربًا من بطش قومهم، وطلبًا لحماية الله. هنا يظهر الصبر كعنصر أساسي في قصتهم، حيث صبروا على الابتلاءات والضغوط التي واجهوها من مجتمعهم، واختاروا اللجوء إلى الله والثبات على إيمانهم. هذا الصبر لم يكن مجرد تحمل للمعاناة، بل كان أيضًا تعبيرًا عن الثقة العميقة في رحمة الله وقدرته على إنقاذهم.

علاوة على ذلك، نجد في قصة أصحاب الكهف درسًا آخر في الصبر، وهو الصبر على الانتظار. فقد نام الفتية في الكهف لمدة ثلاثمائة وتسع سنوات، وهي فترة طويلة جدًا. هذا الانتظار الطويل يعكس مدى صبرهم وثقتهم في أن الله سيحفظهم ويعيدهم إلى الحياة في الوقت المناسب. هذا النوع من الصبر يتطلب إيمانًا قويًا وثقة تامة في حكمة الله وتدبيره.

بالانتقال إلى قصة صاحب الجنتين، نجد أن الصبر يظهر هنا بشكل مختلف. هذه القصة تتحدث عن رجلين، أحدهما كان يمتلك جنتين واسعتين مليئتين بالثمار، بينما الآخر كان أقل حظًا. الرجل الغني لم يكن صبورًا ولم يشكر الله على نعمه، بل كان مغرورًا ومتكبرًا. في المقابل، نجد أن الرجل الفقير كان صبورًا وراضيًا بما قسمه الله له. عندما فقد الرجل الغني كل ما يملك بسبب عدم شكره وصبره، نجد أن الصبر والرضا كانا هما السبيل للنجاة والنجاح في النهاية.

من خلال هذه القصص، يتضح أن الصبر ليس مجرد تحمل للمعاناة، بل هو أيضًا تعبير عن الثقة في الله والرضا بقضائه. الصبر يمكن أن يكون في مواجهة الابتلاءات، كما في قصة أصحاب الكهف، أو في الرضا بما قسمه الله لنا، كما في قصة صاحب الجنتين. الصبر يعزز من قوة الإيمان ويجعل الإنسان قادرًا على مواجهة التحديات بثبات وثقة.

في الختام، يمكن القول إن دور الصبر في قصص أوائل سورة الكهف يعكس أهمية هذا الخلق في حياة المؤمنين. الصبر ليس فقط وسيلة لتحمل الصعاب، بل هو أيضًا تعبير عن الثقة في الله والرضا بحكمته. من خلال هذه القصص، نتعلم أن الصبر يمكن أن يكون مفتاحًا للنجاة والنجاح في الدنيا والآخرة. لذا، يجب علينا أن نتحلى بالصبر في جميع جوانب حياتنا، وأن نثق بأن الله سيجعل لنا من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا.

الأسئلة الشائعة

1. **س: ما هو سبب نزول سورة الكهف؟**
**ج: نزلت سورة الكهف لتجيب على أسئلة قريش التي وجهوها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بناءً على توجيهات اليهود، وهي عن قصة أصحاب الكهف، وذي القرنين، والروح.**

2. **س: ما هي الآية التي تذكر قصة أصحاب الكهف لأول مرة في السورة؟**
**ج: الآية التي تذكر قصة أصحاب الكهف لأول مرة هي الآية 9: “أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا”.**

3. **س: كم عدد الفتية الذين لجأوا إلى الكهف؟**
**ج: لم يُذكر عدد الفتية بشكل صريح في القرآن، ولكن يُشار إليهم بلفظ “فتية” في الآية 10: “إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ”.**

4. **س: ما هو الدعاء الذي قاله الفتية عندما لجأوا إلى الكهف؟**
**ج: الدعاء الذي قاله الفتية هو: “رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا” (الآية 10).**

5. **س: كم سنة لبث أصحاب الكهف في كهفهم؟**
**ج: لبث أصحاب الكهف في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعًا، كما ورد في الآية 25: “وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا”.**

6. **س: ما هو اسم الكهف الذي لجأ إليه الفتية؟**
**ج: لم يُذكر اسم الكهف في القرآن الكريم، ويُشار إليه فقط بلفظ “الكهف”.**

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *